فصل: كتاب الفرائض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب الفرائض

مناسبته للوصية أنها أخت الميراث، ولوقوعها في مرض الموت، وقسمة الميراث بعده ولذا أخر عنها، ثم الفرائض جمع فريضة‏:‏ وهي ما يفترض على المكلف وفرائض الإبل ما يفرض كبنت مخاض في خمسة وعشرين، وقد سمي بها كل مقدر فقيل لأنصباء المواريث فرائض، لأنها مقدرة لأصحابها ثم قيل للعلم بمسائل الميراث علم الفرائض وللعالم به فرضي وفارض وفراض معرب ‏(‏قوله هي علم بأصول إلخ‏)‏ أي قواعد وضوابط تعرف أي تلك الأصول حق كل أي كل واحد من الورثة‏:‏ أي قدر ما يستحقه من التركة، ولا يخفى أن من تلك الأصول الموصوفة بما ذكر الأصول المتعلقة بالمنع من الميراث والحجب، بل هي العمدة في ذلك إذ بدونها لا تعرف الحقوق، ولذا قالوا من لا مهارة له بها لا يحل له أن يقسم فريضة، ودخل فيها معرفة كون الوارث ذا فرض أو عصبة أو ذا رحم، ومعرفة أسباب الميراث والضرب والتصحيح والعول والرد وغير ذلك فافهم والمراد بالفرائض السهام المقدرة كما مر فيدخل فيه العصبات، وذو الرحم لأن سهامهم مقدرة وإن كانت بتقدير غير صريح‏.‏ وموضوعه‏:‏ التركات، وغايته‏:‏ إيصال الحقوق لأربابها، وأركانه‏:‏ ثلاثة وارث ومورث وموروث‏.‏ وشروطه‏:‏ ثلاثة‏:‏ موت مورث حقيقة، أو حكما كمفقود، أو تقديرا كجنين فيه غرة ووجود وارثه عند موته حيا حقيقة أو تقديرا كالحمل والعلم بجهة إرثه، وأسبابه وموانعه سيأتي وأصوله‏:‏ ثلاثة الكتاب والسنة في إرث أم الأم بشهادة المغيرة وابن سلمة، وإجماع الأمة في إرث أم الأب باجتهاد عمر رضي الله عنه الداخل في عموم الإجماع وعليه الإجماع، ولا مدخل للقياس هنا خلافا لمن زعمه في أم الأب وقد علمت جوابه واستمداده من هذه الأصول أفاده في الدر المنتقى ‏(‏قوله لأن الله تعالى قسمه‏)‏ الأولى قدره كما قال الزيلعي لأنه معنى الفرض تأمل ‏(‏قوله بنفسه‏)‏ أي ولم يفوض تقديره إلى ملك مقرب، ولا نبي مرسل بخلاف سائر الأحكام كالصلاة والزكاة والحج وغيرها، فإن النصوص فيها مجملة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة‏}‏ ‏{‏ولله على الناس حج البيت‏}‏ وإنما السنة بينتها زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله لثبوته بالنص لا غير‏)‏ أراد بالنص ما يشمل الإجماع، واحترز به عن القياس فإنه لا يجري في المواريث لأنه لا مجال له في المقدرات لخفاء وجه الحكمة في التخصيص بمقدار دون آخر ثم إن هذا علة للعلة، والأولى أن يقول‏:‏ أو لثبوته فيكون علة ثانية لتسميته نصف العلم وقيل في وجه التسمية غير ما ذكره، وقيل أنه مما لا يدرك معناه فتصدق بأنه نصف العلم، ولا نبحث عن وجهه‏.‏ ثم اعلم أن ما ذكره من الأوجه مبني على أن النصف يراد به أحد قسمي الشيء، فإن كل شيء تحته نوعان أحدهما نصف له وإن لم يتحد عددهما، ومنه حديث أحمد «الطهور نصف الإيمان»، وقول العرب‏:‏ نصف السنة حضر ونصفها سفر أي تنقسم زمانين وإن تفاوتت عدتهما، وقول شريح وقد قيل له كيف أصبحت فقال‏:‏ أصبحت ونصف الناس علي غضبان يريد أنهم بين محكوم له راض ومحكوم عليه غضبان وقول الشاعر‏:‏

إذا مت كان الناس نصفان شامت *** وآخر راض بالذي كنت أصنع

وقول مجاهد‏:‏ المضمضة والاستنشاق نصف الوضوء‏:‏ أي أنه نوعان مطهر لبعض الباطن، ومطهر لبعض الظاهر، أفاده ابن حجر في شرح الأربعين ‏(‏قوله بالنص‏)‏ أراد به ما يعم الإجماع ‏(‏قوله أو بالضروري‏)‏ أي الإرث والاختياري كالبيع والشراء وقبول الهبة والوصية

‏(‏قوله وهل إرث الحي من الحي إلخ‏)‏ أي قبيل الموت في آخر جزء من أجزاء حياته، والأول قول زفر ومشايخ العراق، والثاني قول الصاحبين، وثمرة الخلاف فيما لو تزوج بأمة مورثه، ولا وارث غيره فقال لها‏:‏ إذا مات مولاك فأنت حرة فعلى الأول تعتق لأنه أضاف العتق إلى الموت والملك ثابت له قبله، وعلى الثاني لا تعتق لثبوت الملك بعده أفاده في شرح الوهبانية، وتظهر الثمرة أيضا فيما لو علق الوارث طلاقها بموت مولاها كما نص عليه البيري عن السراجية‏.‏ أقول‏:‏ وبه تظهر فائدة تصويرها بالزوج وإلا فتعليق العتق لا يتوقف على الزوجية تأمل ‏(‏قوله المعتمد الثاني‏)‏ وكذا ذكر الطرابلسي في سكب الأنهر أن عليه المعول لكن ذكر في الدر المنتقى عن التتارخانية أن الاعتماد على الأول

‏(‏قوله الخالية إلخ‏)‏ صفة كاشفة لأن تركه الميت من الأموال صافيا عن تعلق حق الغير بعين من الأموال كما في شروح السراجية‏.‏

واعلم أنه يدخل في التركة الدية الواجبة بالقتل الخطأ أو بالصلح عن العمد أو بانقلاب القصاص مالا بعفو بعض الأولياء، فتقضى منه ديون الميت وتنفذ وصاياه كما في الذخيرة ‏(‏قوله بعينها‏)‏ متعلق بقوله تعلق ‏(‏قوله كالرهن إلخ‏)‏ مثال للعين التي تعلق بها حق الغير إذا رهن شيئا وسلمه ولم يترك غيره فدين المرتهن مقدم على التجهيز فإن فضل بعده شيء صرف إليه ‏(‏قوله والعبد الجاني‏)‏ أي في حياة مولاه ولا مال له سواه فإن المجني عليه أحق به من المولى إلا أن يفضل بعد أرش الجناية شيء‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو كان العبد الجاني هو المرهون قدم حق المجني عليه، لأنه أقوى لثبوته على ذمة العبد، وحق المرتهن في ذمة الراهن ومتعلق برقبة العبد لا في ذمته ذكره يعقوب باشا في حاشية شرح السراجية للسيد الشريف ‏(‏قوله والمأذون المديون‏)‏ أي فإذا مات المولى ولا مال له سواه قدم الغرماء على التجهيز ‏(‏قوله والمبيع المحبوس بالثمن‏)‏ كما لو اشترى عبدا ولم يقبضه فمات قبل نقد الثمن، فالبائع أحق بالعبد من تجهيز المشتري‏.‏ قال يعقوب باشا‏:‏ أما إذا كان المبيع في يد المشتري، ومات عاجزا عن أداء الثمن فإنه يبدأ برجوعه لا مطلقا، بل إذا لم يتعلق به شيء من الحقوق اللازمة كما إذا كاتبه المشترى أو رهنه أو استولده أو جنى ذلك المبيع على غيره، فإنه حينئذ لم يثبت له حق الرجوع لمانع قوي، حتى لو عجز المكاتب وعاد إلى الرق أو فك الرهن أو فدي من الجناية، فله الرجوع لزوال ذلك المانع ا هـ‏.‏ ونقل مثله ط عن حاشية عجم زاده على شرح السيد ثم قال وانظر هذا مع قولهم إن البائع أسوة الغرماء فيه عندنا ا هـ‏.‏ أي فيما إذا قبض المشتري المبيع ولم يذكروا فيه إلا خلاف الشافعي كما تقدم قبيل خيار الشرط، والظاهر أن ما ذكر هنا مأخوذ من كتب الشافعية فليتنبه له‏.‏ ‏(‏قوله والدار المستأجرة‏)‏ فإنه إذا أعطى الأجرة أولا ثم مات الآجر صارت الدار هنا بالأجرة سيد قال ط‏:‏ زاد في روح الشروح على ما ذكر العبد الذي جعل مهرا يعني إذا مات الزوج وهو في يده ولا مال له سواه فإن الزوجة تقدم على تجهيز الزوج، والمقبوض بالبيع الفاسد إذا مات البائع قبل الفسخ‏:‏ أي فإن المشترى مقدم على تجهيز البائع ‏(‏قوله وإنما قدمت إلخ‏)‏ أي هذه الحقوق المتعلقة بهذه الأعيان، والأصل أن كل حق يقدم في الحياة يقدم في الوفاة در منتقى، وتقديمها على التجهيز هو الذي جزم به في المعراج، وكذا شراح الكنز والسراجية بل حكى بعض شراح السراجية الاتفاق عليه، فما ذكره مسكين من أن ذلك رواية وأن الصحيح تقديم التجهيز قال في الدر المنتقى منظور فيه، بل تعليلهم يفيد أنه ليس بتركة أصلا ا هـ‏.‏ أي فلا يرد على إطلاق المتون من أنه يبدأ من التركة بالتجهيز ‏(‏قوله بتجهيزه‏)‏ وكذا تجهيز من تلزمه نفقته، كولد مات قبله ولو بلحظة وكزوجته، ولو غنية على المعتمد در منتقى‏.‏ ‏(‏قوله يعم التكفين‏)‏ كأنه يشير إلى أن قول السراجية‏:‏ يبدأ بتكفينه وتجهيزه من عطف العام على الخاص ‏(‏قوله من غير تقتير ولا تبذير‏)‏ التقتير هو التقصير والتبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقا وهو أن الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي، والتبذير صرفه فيما لا ينبغي صرح به الكرماني في شرح البخاري يعقوب، وعليه فالمناسب التعبير بالإسراف بدل التبذير موافقا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا‏}‏ لكنه راعى المشهور ‏(‏قوله ككفن السنة‏)‏ أي من حيث العدد وقوله أو قدر ما كان يلبسه في حياته أي من حيث القيمة، وأو بمعنى الواو قال في سكب الأنهر‏:‏ ثم الإسراف نوعان من حيث العدد بأن يزاد في الرجل على ثلاثة أثواب، وفي المرأة على خمسة ومن حيث القيمة بأن يكفن فيما قيمته تسعون، وقيمة ما يلبسه في حياته ستون مثلا والتقتير أيضا نوعان عكس الإسراف عددا وقيمة ا هـ‏.‏ وهذا إذا لم يوص بذلك، فلو أوصى تعتبر الزيادة على كفن المثل من الثلث، وكذا لو تبرع الورثة به أو أجنبي، فلا بأس بالزيادة من حيث القيمة لا العدد، وهل للغرماء المنع من كفن المثل قولان والصحيح نعم در منتقى‏:‏ أي فيكفن بكفن الكفاية وهو ثوبان للرجل وثلاثة للمرأة ابن كمال‏.‏ ‏(‏قوله أو قدر ما كان يلبسه في حياته‏)‏ أي من أوسط ثيابه، أو من الذي كان يتزين به في الأعياد والجمع والزيارات على ما اختلفوا فيه زيلعي ‏(‏قوله ولو هلك كفنه إلخ‏)‏ قال في سكب الأنهر‏:‏ وإذا نبش قبر الميت وأخذ كفنه يكفن في ثلاثة أثواب ولو ثالثا أو رابعا ما دام طريا ولا يعاد غسله ولا الصلاة عليه، وإن تفسخ يلف في ثوب واحد كل ذلك من أصل ماله عندنا، وإن كان عليه دين إلا أن يكون الغرماء قد قبضوا التركة، فلا يسترد منهم وإن كان قد قسم ماله، فعل كل وارث بقدر نصيبه دون الغرماء، وأصحاب الوصايا لأنهم أجانب، ولا تجبر الورثة على قبول كفن متبرع، لأن فيه لحوق العار بهم إلا إذا كان الورثة صغارا، فحينئذ لو رأى الإمام مصلحة يقبل إلا أن يختاروا القيام بأنفسهم فحينئذ هم أولى به ا هـ‏.‏ أي إلا أن يختار الكبار منهم تأمل ‏(‏قوله ويقدم دين الصحة‏)‏ هو ما كان ثابتا بالبينة مطلقا أو بالإقرار في حال الصحة ط‏.‏ وقد يرجح بعضه كدين الأجنبي على مكاتب مات عن وفاء يقدم على دين المولى وكالدين الثابت على نصراني بشهادة المسلمين، فإنه مقدم على الثابت بشهادة أهل الذمة عليه والدين الثابت بدعوى المسلم عليه يقدم على الدين الثابت عليه بدعوى كافر إذا كان شهودهما كافرين، أو شهود الكافر فقط أما إذا كان شهودهما مسلمين أو شهود الكافر فقط، فهما سواء كما في حاشية البحر للرملي من كتاب الشهادات فافهم‏.‏

‏(‏قوله على دين المرض‏)‏ هو ما كان ثابتا بإقراره في مرضه أو فيما هو في حكم المرض كإقرار من خرج للمبارزة أو أخرج للقتل قصاصا أو ليرجم ط عن عجم زاده ‏(‏قوله إن جهل سببه‏)‏ أما إذا علم بأن أقر في مرضه بدين علم ثبوته بطريق المعاينة، كما يجب بدلا عن مال ملكه أو استهلكه كان ذلك بالحقيقة من دين الصحة إذ قد علم وجوبه بغير إقراره، فلذلك ساواه في الحكم ا هـ‏.‏ سيد ‏(‏قوله وأما دين الله تعالى إلخ‏)‏ محترز قوله من جهة العباد وذلك كالزكاة والكفارات ونحوها قال الزيلعي فإنها تسقط بالموت فلا يلزم الورثة أداؤها إلا إذا أوصى بها؛ أو تبرعوا بها هم من عندهم، لأن الركن في العبادات نية المكلف وفعله، وقد فات بموته فلا يتصور بقاء الواجب ا هـ‏.‏ وتمامه فيه، أقول‏:‏ وظاهر التعليل أن الورثة لو تبرعوا بها لا يسقط الواجب عنه لعدم النية منه ولأن فعلهم لا يقوم مقام فعله بدون إذنه تأمل ‏(‏قوله من ثلث الباقي‏)‏ أي الفاضل عن الحقوق المتقدمة، وعن دين العباد فإنه يقدم لو اجتمع مع دين الله تعالى، لأنه تعالى هو الغني ونحن الفقراء كما في الدر المنتقى‏.‏ ‏(‏قوله ثم تقدمت وصيته‏)‏ أي على القسمة بين الورثة قال الزيلعي‏:‏ ثم هذا ليس بتقديم على الورثة في المعنى، بل هو شريك لهم حتى إذا سلم له شيء سلم للورثة ضعفه أو أكثر ولا بد من ذلك، وهذا ليس بتقديم في الحقيقة، بخلاف التجهيز والدين فإن الورثة والموصى له لا يأخذون إلا ما فضل عنهما ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو مطبقة على الصحيح‏)‏ كذا قاله السيد وغيره ثم قال وقال شيخ الإسلام خواهر زاده إن كانت معينة كانت مقدمة عليه وإن كانت مطلقة كأن يوصي بثلث ماله أو ربعه كانت في معنى الميراث لشيوعها في التركة فيكون الموصى له شريكا للورثة لا مقدما عليهم، ويدل على شيوع حقه فيها كحق الوارث أنه إذا زاد المال بعد الوصية زاد على الحقين، وإذا نقص نقص عنهما حتى إذا كان ماله حال الوصية مثلا ألفا، ثم صار ألفين فله ثلث الألفين وإن انعكس فله ثلث الألف ا هـ‏.‏ قال الأكمل‏:‏ ولعل الصواب معه فإن التقديم إنما يتصور فيه بجعل حق الموصى له متعلقا بالصورة والمعنى إذا خرج من الثلث فيمنع تعلق حق الوارث بصورته، فكان ذلك تقديما على الورثة، وأما إذا كانت مطلقة فلا يتصور هناك تقديم ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله خلافا لما اختاره في الاختيار‏)‏ أي من قول شيخ الإسلام المتقدم ونصه فإن كانت الوصية بعين تعتبر من الثلث وتنفذ وإن كانت بجزء شائع كالثلث والربع، فالموصى له شريك للورثة يزداد نصيبه بزيادة التركة، وينقص بنقصها بحسب المال ويخرج نصيب الموصى له كما يخرج نصيب الوارث، ويقدم على قسمة التركة بين الورثة لما تلونا ا هـ‏.‏ والحاصل‏:‏ أنه لا خلاف في تقديم الوصية بعين كالدار والثوب مثلا بمعنى أنها إذا خرجت من الثلث فلا حق للورثة فيها، فتفرز وحدها، ويقسم بين الورثة ما سواها، وأما الوصية المطلقة فمن نظر إلى أنها شائعة في التركة تزداد بزيادتها وبالعكس‏.‏ قال‏:‏ لا تقديم فيها بل الموصى له شريك للورثة دائما بمعنى أنه لا يمكن أن ينفرد بالأخذ، وإن استغرق التركة، بخلاف الدين ونحوه ومن نظر إلى أن قسمة الميراث لا تكون إلا بعد إخراج نصيب الموصى له قال‏:‏ إنها مقدمة لأنه لو لم يفرز نصيبه أولا بل اعتبر شريكا مع الورثة لزم أن يقسم له معهم كأنه واحد منهم له ثلث التركة مثلا ويلزم منه الخلل مثلا لو تركت زوجا وأختين شقيقتين، وأوصت بالثلث لزيد فيخرج الثلث الموصى به أولا فيأخذ زيد واحدا من ثلاثة ثم يقسم الباقي من سبعة، للزوج ثلاثة وللشقيقتين أربعة، وإلا لزم أن تقسم التركة من تسعة، فيأخذ الموصى له اثنين، والزوج ثلاثة والشقيقتان أربعة، فينقص نصيب الموصى له وأنت إذا حققت النظر يظهر لك أن الخلاف لفظي لأن كل واحد من أصحاب القولين يسلم ما قاله الآخر، وإنما النزاع في أن إخراج نصيب الموصى له أولا هل يسمى تقديما أم لا ويدل عليه كلام الزيلعي السابق وكذا كلام صاحب الاختيار فإنه تابع شيخ الإسلام في القول بالمشاركة، ثم ذكر أن نصيب الموصى له يقدم على قسمة التركة فقد جمع بين المشاركة والتقديم فاغتنم هذا التحقيق الذي هو بالقبول حقيق، والله تعالى ولي التوفيق‏.‏ ‏(‏قوله في الآية‏)‏ أي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏من بعد وصية يوصى بها أو دين‏}‏ ‏(‏قوله لكونها مظنة التفريط‏)‏ لأنها مأخوذة بلا عوض فتشق على الورثة، ولا تطيب نفوسهم بها بخلاف الدين أو لكونها برا وطاعة، والدين مذموم غالبا ولذا استعاذ منه عليه الصلاة والسلام أو لأن حكمها كان مجهولا عند المخاطبين، بخلاف الدين وتمامه في سكب الأنهر عن الزمخشري ‏(‏قوله بل خامسا‏)‏ باعتبار البداءة قبل التجهيز بعين تعلق بها حق الغير لكن تقدم أنها ليست من التركة، والمراد بيان الحقوق المتعلقة بالتركة فهي حينئذ أربعة ‏(‏قوله يقسم الباقي‏)‏ لم يقل يقدم كما قال في سابقه لأنه آخر الحقوق فلم يبق ما يقدم عليه ‏(‏قوله أي الذين ثبت إرثهم بالكتاب‏)‏ أي القرآن وهم الأبوان والزوجان والبنون والبنات والإخوة والأخوات ‏(‏قوله أو السنة‏)‏ أو هنا وفيما بعده مانعة الخلو فتصدق باجتماع الثلاثة والمراد بالسنة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان فعلا كبنت الابن والأخوات لأبوين أو لأب مع البنت الصلبية والجدة أم الأم أو قولا كما مثل الشارح أفاده في سكب الأنهر ‏(‏قوله أو الإجماع‏)‏ أي اتفاق رأي المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر ما على حكم شرعي، وقيل المراد به هنا‏:‏ قول مجتهد واحد من إطلاق اسم الكل على الجزء كإطلاق القرآن على كل آية منه، ليشمل من اختلف في وراثته كذوي الأرحام وفيه نظر، لأنه يخرج عنه ما اتفق عليه رأي المجتهدين ولأن من اختلف في وراثته دليله عند القائل به الكتاب أو السنة فلا حاجة إلى التأويل ‏(‏قوله فجعل الجد كالأب إلخ‏)‏ وكجعل الجدة كالأم وبنت الابن كالبنت الصلبية والأخ لأب كالشقيق والأخت لأب كالشقيقة سكب الأنهر

‏(‏قوله ويستحق‏)‏ بالبناء للمجهول أو للمعلوم، وضميره للوارث المفهوم من المقام ‏(‏قوله بأحد ثلاثة‏)‏ يعني أن كل واحد منها علة للاستحقاق بمعنى أنه لا يلزم اجتماع الثلاثة أو بعضها فلا ينافي حصول الاستحقاق باثنين منها كزوجة هي بنت عم أو معتقة فيرث منها الزوج النصف بالزوجية والباقي بالتعصيب أو الولاء فافهم ‏(‏قوله ونكاح صحيح‏)‏ ولو بلا وطء ولا خلوة إجماعا در منتقى ‏(‏قوله فلا توارث بفاسد‏)‏ هو ما فقد شرطا من شروط الصحة كشهود، ولا باطل كنكاح المتعة والمؤقت وإن جهلت المدة، أو طالت في الأصح كما مر في محله ‏(‏قوله وولاء‏)‏ أي بنوعيه عتاق وموالاة

‏(‏قوله والمستحقون للتركة عشرة أصناف‏)‏ جمعها العلامة محمد بن الشحنة على هذا الترتيب في منظومته الفرضية التي شرحها شيخ مشايخنا الفقيه إبراهيم السائحاني فقال‏:‏ يعطى ذوو الفروض ثم العصبه ثم الذي جاد بعتق الرقبه ثم الذي يعصبه كالجد ثم ذوو الأرحام بعد الرد ثم محمل ورا موال ثم مزاد ثم بيت المال وأراد بالمحمل من أقر له بنسب محمل على الغير وبالمزاد الموصى له بما زاد على الثلث أقول‏:‏ وحيث ذكر عصبة المعتق فالمناسب ذكر عصبة الموالي أي مولى الموالاة أيضا، فإنهم يرثون بعده أيضا كما يأتي فالأصناف أحد عشر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قيد بالتركة لأن الإرث يجري في الأعيان المالية، أما الحقوق فمنها ما يورث كحق حبس المبيع وحبس الرهن، ومنها ما لا يورث كحق الشفعة وخيار الشرط وحد القذف والنكاح‏:‏ أي حق التزويج كما لو مات الشقيق عن ابن وثم أخ لأب فالحق للأخ لا للابن والولايات والعواري والودائع كما لو مات المستعير لا يكون وارثه مستعيرا وكذا المودع، وكذا الرجوع عن الهبة، وكذا الولاء كأن يكون للمعتق ابنان فمات أحدهما بعده عن ابن فالولاء للابن الباقي، فلو مات هذا عن ابنين فالولاء بينهما، وبين ابن الابن الأول أثلاثا كأنهم ورثوا من جدهم لا من آبائهم‏.‏ وأجمعوا على أن خيار القبول لا يورث، وكذا الإجارة، وكذا الإجازة في بيع الفضولي، وكذا الأجل‏.‏ واختلفوا في خيار العيب فقيل يورث واقتصر عليه في الدرر وادعى شارح الطحاوي الإجماع عليه وقيل يثبت للوارث ابتداء وكذا الخلاف في القصاص، وأما خيار الرؤية فالصحيح أنه يورث، وأما خيار التعيين كما لو اشترى عبدين على أنه بالخيار في أحدهما فاتفقوا على أنه يثبت للوارث ابتداء وكذا خيار الوصف ينتقل إلى الوارث إجماعا كما في الفتح، ويؤخذ منه أن خيار التغرير يورث لأنه يشبه فوات الوصف وإليه مال العلامة المقدسي ومال صاحب التنوير إلى خلافه لكنه مال في منظومته الفقهية إلى الأول ا هـ‏.‏ ملخصا من الأشباه وشرحها لشيخنا العلامة البعلي ‏(‏قوله أي السهام المقدرة‏)‏ هي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس سراج ‏(‏قوله ثلاثة من الرجال‏)‏ هم الأب والجد والأخ لأم ح ‏(‏قوله وسبعة من النساء‏)‏ هن البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم والأم والجدة ح ‏(‏قوله فيستوي فيه الواحد والجمع‏)‏ لما تقرر أن أل تبطل معنى الجمعية بحيث يتناول كل واحد كالفرد حتى لو قال والله لا أتزوج النساء يحنث بتزوج واحدة، وإذا قال نساء لا يحنث إلا بثلاث يعقوب ‏(‏قوله وجمعه للازدواج‏)‏ جواب سؤال تقديره أنه كان الأخصر التعبير بالعصبة مفردا كما عبر في قسيمه وهو العصبة السببية والجنسية فيه أظهر‏.‏ والجواب أنه جمعه لفظا وإن لم يكن معنى الجمع مراد التزاوج بينه وبين قوله بذوي الفروض حيث ذكره بلفظ الجمع أو يقال جمعه لتعدد أنواعه من عصبة بنفسه وبغيره ومع غيره كما يأتي بيانه، وقد يقال إن الداعي إلى إبطال معنى الجمعية أنه لا يشترط في تقديمه على المعتق تعدد، بل يقدم ولو واحدا، بخلاف أصحاب الفروض فإنه ليس فيهم من يتقدم وحده على العصبة بمعنى أنه لا يرث معه العصبة إذ ليس في أصحاب الفروض من يحرز كل المال وحده بالفرضية، وإن كان يتقدم عليه بمعنى آخر وهو أنه لا يعطي للعصبة إلا ما أبقاه له صاحب الفرض فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لأنها أقوى‏)‏ علة للتقديم المستفاد من ثم ومن متعلق الجار قال السيد‏:‏ فإن العصوبة النسبية أقوى من السببية يرشدك إلى ذلك أن أصحاب الفروض النسبية يرد عليهم دون أصحاب الفروض السببية أعني الزوجين ‏(‏قوله ثم بالمعتق‏)‏ الأولى قول السراجية مولى العتاقة ليشمل الاختيارية بأن عتق عليه بلفظ إعتاق أو فرعه من تدبير أو غيره، أو بشراء ذي رحم محرم منه، والاضطرارية بأن ورث ذا رحم محرم منه، فعتق عليه والمراد جنس مولى العتاقة، فيشمل المتعدد والمنفرد كما يشمل الذكر والأنثى المعتق بواسطة كمعتق المعتق على ما يأتي قريبا وكمعتق الأب، ويشمل أيضا كما قال ابن كمال المعروف والمقر له ويقدم المعروف على المقر له، ويشترط في صحته أن لا يكون للمقر مولى عتاقة معروفة وأن لا يكون مكذبا شرعا ا هـ‏.‏ ‏[‏تنبيه مهم‏]‏ شرط ثبوت الولاء أن لا تكون الأم حرة الأصل بمعنى عدم الرق فيها، ولا في أصلها فإن كانت فلا ولاء على ولدها وإن كان الأب معتقا كما في البدائع، فإذا تزوج العتيق حرة الأصل فلا ولاء على أولاده تغليبا للحرية كما في سكب الأنهر عن الدرر وغيرها، وتمامه فيه، وفيما قدمناه في كتاب الولاء فاحفظه، فإنه مزلة الإقدام ‏(‏قوله وهو العصبة السببية‏)‏ خاص بالمعتق دون عصبته، وليس كذلك، بل العصبة السببية مجموعهما كما في شرح السراجية للعلامة ابن الحنبلي، وعليه كلام الشارح الآتي في فصل العصبات، وما أوهمه كلام السيد من خلاف ذلك أجاب عنه يعقوب، فكان على الشارح أن يقول بعد قوله‏:‏ ثم عصبته الذكور وهما العصبة السببية بضمير التثنية ‏(‏قوله ثم عصبته الذكور‏)‏ أي العصبة بنفسه، فيكون من الذكور قطعا، وكونه عصبة بنفسه لمولى العتاقة لا ينافي كونه عصبة سببية للميت كما قال ابن الحنبلي، فلو ترك العتيق ابن سيده وبنته فالإرث للابن فقط ولو ترك بنت سيده وأخته فلا حق لهما فيه ‏(‏قوله لأنه إلخ‏)‏ علة للتقييد بالذكور الذي قال السيد أنه لا بد منه، ولكن هذا مبني على أن المراد بالمعتق ما يشمل القريب والبعيد كالمعتق ومعتق المعتق، وهكذا ذكرا أو أنثى‏.‏ أما إذا أريد به ما هو المتبادر منه وهو المعتق القريب، فلا حاجة إلى التقييد به، ويكون المراد بعصبته العصبة السببية من الذكور والإناث كمعتق المعتق ومعتقة المعتق والعصبة النسبية أيضا، لكن لا بد في الثاني من كونه عصبة بالنفس، فيكون من الذكور قطعا كما مر دون العصبة بالغير أو مع الغير للحديث المذكور‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

اقتصاره على المعتق وعصبته يفيد أنه لو كان لعصبة المعتق عصبة فلا ميراث له بيانه امرأة أعتقت عبدا ثم ماتت عن زوج وابن منه، ثم مات العتيق فالميراث لابنها، لأنه عصبتها فلو مات الابن قبل العتيق، فلا ميراث لزوجها، لأنه عصبة عصبتها، وأما إذا أعتق رجل عبدا ثم العبد أعتق آخر ثم الآخر أعتق آخر، ومات العتيق الثالث وترك عصبة المعتق الأول، فإنه يرثه وإن كان في صورة عصبة عصبة المعتق، لكن لا لذلك، بل لأن العتيق الأول جر ولاء هذا الميت فيرثه عصبة العتيق الأول لقيامه مقام المعتق الأول للحديث ا هـ‏.‏ ملخصا من الذخيرة في باب الولاء‏.‏ وقدمناه هناك وسيأتي تمام كلام على الحديث ‏(‏قوله ثم الرد‏)‏ أي عند عدم من تقدم ذكره من العصبات يرد الباقي من أصحاب الفروض على ذوي الفروض النسبية، واحترز به عن ذوي الفروض السببية كالزوجين، لأن سبب الرد هو القرابة الباقية بعد أخذ الفرض، وقرابة الزوجية حكمية لا تبقى بعد أخذ الفرض فلا رد لانتفاء سببه، أفاده يعقوب لكن سيأتي عن الأشباه، وتقدم في الولاء أنه يرد عليهما في زماننا ويأتي تمامه إن شاء الله تعالى‏.‏ ‏(‏قوله بقدر حقوقهم‏)‏ أي قدرا نسبيا لا عدديا، لأن ما يعطى من الرد قد يكون أقل مما يعطى من الفرض كما في أختين لأبوين وأخت لأم ومساويا كما في أختين لأم وأم وأكثر كما في أخت لأم وجدة وطريق النسبة أن من له النصف فرضا له بقدر سهام النصف من الرد ومن له الثلث كذلك، فكذلك مثلا إذا ترك أختا شقيقة وأما فالمسألة من ستة نصفها وهو ثلاثة للشقيقة، وثلثها وهو اثنان للأم وجملة السهام خمسة بقي واحد يرد عليهما بنسبة سهامهما، وقد كان للشقيقة ثلاثة أخماس الواحد وللأم اثنان فلها خمسا الواحد وترجع مسألة الرد إلى خمسة كما يأتي بيانه في محله ‏(‏قوله ثم ذوي الأرحام‏)‏ أي يبدأ بهم عند عدم ذوي الفروض النسبية والعصبات فيأخذون كل المال، وما بقي عن أحد الزوجين لعدم الرد عليهما ‏(‏قوله ثم بعدهم‏)‏ أي إذا فقد ذوو الأرحام يقدم مولى الموالاة أي القابل موالاة الميت، حين قال له أنت مولاي ترثني إذا مت وتعقل عني إذا جنيت، ولم يكن من العرب، ولا من معاتيقهم ولا له وارث نسبي، ولا عقل عنه بيت المال أو مولى موالاة آخر فيرثه القابل بلا عكس إلا إن شرط ذلك من الجانبين، وتحققت الشرائط فيهما، وله أن يرجع ما لم يعقل عنه مولاه وذا مذهب عمر وعلي وكثيرين، ثم عصبته ترث أيضا على ترتيب عصبة مولى العتاقة، وإن لم يذكره المصنف سائحاني في شرح المنظومة وقدمناه مع استيفاء الشروط وبيانها في الولاء ‏(‏قوله وله الباقي إلخ‏)‏ أي إن لم يوجد أحد ممن تقدم فله كل المال إلا إن وجد أحد الزوجين فله الباقي عن فرضه‏.‏ ‏(‏قوله ثم المقر له بنسب إلخ‏)‏ أي ثم بعد مولى الموالاة بأن لم يكن يقدم المقر له بنسب إلخ فيعطى كل المال إلا إذا كان أحد الزوجين، فيعطى ما فضل بعد فرضه ‏(‏قوله على غيره‏)‏ ضمنه معنى التحميل فعداه بعلى أي المحمول نسبه على غيره في ضمن الإقرار بالنسب من نفسه كما لو أقر له بأنه أخوه أو ابن ابنه، فإن إقراره هذا تضمن حمل النسب على الأب أو الابن، واحترز به عما إذا لم يتضمن تحميل النسب على غيره كما إذا أقر لمجهول النسب بأنه ابنه فإنه يوجب ثبوت النسب منه، ويندرج في الورثة النسبية إذا اشتمل الإقرار على شرائط صحته كالحرية والبلوغ والعقل في المقر، وتصديق المقر له بالنسب، وكونه بحيث يولد مثله لمثله وتقدم في باب إقرار المريض تمام الكلام على ما يصح من ذلك، وما لا يصح مع بيان الشروط وحررناه أيضا في شرحنا على نظم فرائض الملتقى المسمى بالرحيق المختوم شرح قلائد الدر المنظوم، وفي آخر التاسع والعشرين من جامع الفصولين فروع مهمة يلزم مراجعتها‏.‏ ‏(‏قوله لم يثبت‏)‏ قيد ثان وبين الشارح محترزه وزاد في السراجية ثالثا، وهو موت المقر على إقراره لأنه إذا رجع لم يعتد به، فلا يرث وإذا اجتمعت هذه الصفات في المقر له صار عندنا وارثا في المرتبة المذكورة، لأن المقر كان مقرا بشيئين النسب واستحقاق المال بالإرث، لكن إقراره بالنسب باطل، لأنه يحمل نسبه على غيره، والإقرار على الغير دعوى، فلا تسمع ويبقى إقراره بالمال صحيحا، لأنه لا يعدوه إلى غيره إذا لم يكن له وارث معروف سيد‏:‏ أي ويكون هذا الإقرار وصية معنى، ولذا صح رجوعه عنه ولا ينتقل إلى فرع المقر له ولا أصله ‏(‏قوله بأن صدقه المقر عليه‏)‏ بأن قال الأب نعم هو ابني وهو أخوك وكذا لو صدقه الورثة وهم من أهل الإقرار ا هـ‏.‏ من روح الشروح والمراد ورثة المقر بأن قال أولاد المقر هو عمنا ط ‏(‏قوله أو أقر بمثل إقراره‏)‏ أي بأن قال من غير علم بإقرار المقر هو ابني إذ لو علم به كان تصديقا تأمل‏.‏ والظاهر أنه إذا حمل نسبه على نفسه ورث منه قصدا ومن غيره وإن لم يقر ذلك الغير أفاده ط ‏(‏قوله أو شهد رجل‏)‏ أي مع المقر قال الشارح في باب إقرار المريض لا يصح في حق غيره إلا ببرهان ومنه إقرار اثنين ا هـ‏.‏ وظاهره أنه لا يلزم في هذا الإقرار لفظ الشهادة وأفاد أنه يصح بإقرار الوارث، وإن لم يقر به المورث وهو ظاهر‏.‏ ‏(‏قوله وإن رجع المقر‏)‏ قال في روح الشروح‏:‏ واعلم أنه إن شهد مع المقر رجل آخر، أو صدقه المقر عليه أو الورثة وهم من أهل الإقرار، فلا يشترط الإصرار على الإقرار إلى الموت، ولا ينفع الرجوع لثبوت النسب حينئذ ا هـ‏.‏ وفي سكب الأنهر‏:‏ وصح رجوعه لأنه وصية معنى، ولا شيء للمقر له من تركته‏.‏ قال في شرح السراجية المسمى بالمنهاج‏:‏ وهذا إذا لم يصدق المقر عليه إقراره قبل رجوعه، أو لم يقر بمثل إقراره إلخ فقول المنح عن بعض شروح السراجية، وهذا إذا لم يصدق المقر له صوابه المقر عليه كما رأيته في نسختي مصلحا بخط بعض الفضلاء ‏(‏قوله وكذا لو صدقه المقر له إلخ‏)‏ الصواب إسقاطه بالكلية، والذي أوقعه فيه عبارة المنح السابقة‏.‏ وقد علمت ما هو الصواب فيها لأن تصديق المقر له لا يثبت النسب قطعا، لأنه المنتفع بذلك فهو متهم، وإذا لم يثبت بإقرار المقر، فكيف يثبت بتصديق المقر له المتهم على أنك قد علمت أن الذي في روح الشروح وغيره هو ثبوته بتصديق المقر عليه لا المقر له فتنبه‏.‏ وتمام الكلام على ذلك يعلم من باب إقرار المريض فارجع إليه‏.‏

‏(‏قوله ثم بعدهم إلخ‏)‏ أي إذا عدم من تقدم ذكره يبدأ بمن أوصى له بجميع المال فيكمل له وصيته، لأن منعه عما زاد على الثلث كان لأجل الورثة، فإن لم يوجد أحد منهم، فله عندنا ما عين له كملا سيد، ولا يخفى أن المراد أنه يأخذ الزائد بطريق الاستحقاق، بلا توقف على إجارة فلا يرد أن أخذ الزائد لا يشترط فيه عدم الورثة إذ لو أجازوا جاز ‏(‏قوله لأنه نوع قرابة‏)‏ الأولى قول السيد أن له نوع قرابة ‏(‏قوله ثم يوضع‏)‏ أي إن لم يوجد موصى له بالزائد يوضع كل التركة في بيت المال أو الباقي عن الزائد إن وجد موصى له بما دون الكل ولم يقل ثم يقدم إذ لا شيء بعده وأشار إلى أن كلام المصنف من قبيل قوله‏:‏ علفتها تبنا وماء باردا ‏(‏قوله لا إرثا‏)‏ نفي لما يقوله الشافعية لما يرد عليه من أنه لو كان إرثا لم تصح وصيته بالثلث للفقراء إذا لم يكن له وارث خاص لأنها وصية لوارث، فتتوقف على إجازة بقية الورثة، ومن أنه يعطى من ذلك المال من ولد بعد موت صاحبه وللولد مع والده، ولو كان إرثا لما صح ذلك لكن أفتى متأخرو الشافعية بالرد إن لم ينتظم بيت المال

‏(‏قوله وموانعه‏)‏ المانع لغة‏:‏ الحائل واصطلاحا‏:‏ ما ينتفي لأجله الحكم عن شخص لمعنى فيه بعد قيام سببه، ويسمى محروما فخرج ما انتفى لمعنى في غيره فإنه محجوب، أو لعدم قيام السبب كالأجنبي، والمراد بالمانع هاهنا المانع عن الوراثية لا الموروثية وإن كان بعضها كاختلاف الدين مانعا عنهما كما حررته في الرحيق المختوم ‏(‏قوله على ما هنا‏)‏ لأن بعضهم زاد على هذه الأربعة غيرها كما سيذكره الشارح ‏(‏قوله كمكاتب‏)‏ المصرح به أن رقه كامل، وملكه ناقص فالصواب أن يقول‏:‏ كمدبر وأم ولد ا هـ‏.‏ ح وقد يقال كمال رقه إنما هو بالنسبة إلى المدبر، وأم الولد ولذا أجاز عتقه عن الكفارة، وملك أكسابه دونهما، أما بالنسبة إلى القن فهو ناقص من حيث انعقاد سبب الحرية فيه مثل المدبر وأم الولد ‏(‏قوله وكذا مبعض إلخ‏)‏ هو من أعتق بعضه فيسعى في فكاك باقيه، وهو عند الإمام بمنزلة المملوك ما بقي عليه درهم وقالا هو حر مديون فيرث ويحجب بناء على تجزي الإعتاق عنده لا عندهما ‏(‏قوله وقال الشافعي لا يرث بل يورث‏)‏ قيل المنقول عنه أنه لا يرث، ولا يورث فليراجع‏.‏ ‏(‏قوله يورث فيها الرقيق‏)‏ أي بطريق الاستناد إلى أول الإصابة ط ‏(‏قوله جني عليه‏)‏ أي بجراحة مثلا ‏(‏قوله بسراية تلك الجناية‏)‏ أي التي أصابته قبل الرق ط ‏(‏قوله فديته لورثته إلخ‏)‏ أي نظرا إلى وقت الإصابة، فإنه لو مات بها قبل الاسترقاق كان إرثه لهم فكذا بعده لانعقاد السبب قبله ط ‏(‏قوله ولم أره لأئمتنا‏)‏ هم قد اعتبروا وقت الإصابة في مسائل، فيمكن أن يكون هذا منها، ويمكن أن يقال إن موته صدر وهو في ملك السيد فالدية له ط‏.‏ أقول‏:‏ يظهر لي أنه لا يجب على الجاني شيء عندنا لما تقدم في فصل المستأمن أنه إذا رجع إلى دار الحرب، وقد ترك وديعة أو دينا فأسر أو ظهر عليهم فأخذ أو قتل سقط دينه، وما غصب منه وصار ماله كوديعته وما عند شريكه، أو في بيته في دارنا فيئا، وإن قتل أو مات بلا غلبة عليهم فدينه وقرضه ووديعته لورثته لأن نفسه لم تصر مغنومة ا هـ‏.‏ ومعلوم أن الدية دين على الجاني فتسقط برجوعه إلى دار الحرب، واسترقاقه فلا تكون لورثته ولا لسيده أيضا، لأن الجناية حدثت على ملك المجني عليه لا على ملك السيد لأنه إنما استرقه مجنيا عليه، فليس له مطالبة الجاني بشيء فتدبر‏.‏ه ‏(‏قوله الموجب للقود أو الكفارة‏)‏ الأول هو العمد وهو أن يقصد ضربه بمحدد أو ما يجري مجراه في تفريق الأجزاء، والثاني ثلاثة أقسام شبه عمد، وهو أن يتعمد قتله بما لا يقتل غالبا كالسوط وخطأ كأن رمى صيدا فأصاب إنسانا وما جرى مجراه كانقلاب نائم على شخص أو سقوطه عليه من سطح، فخرج القتل بسبب فإنه لا يوجبهما كما لو أخرج روشنا أو حفر بئرا أو وضع حجرا في الطريق، فقتل مورثه أو أقاد دابة أو ساقها فوطئته، أو قتله قصاصا أو رجما أو دفعا عن نفسه أو وجد مورثه قتيلا في داره أو قتل العادل الباغي، وكذا عكسه إن قال قتلته وأنا على حق، وأنا الآن على الحق، وخرج القتل مباشرة من الصبي والمجنون لعدم وجوب القصاص، والكفارة وتمامه في سكب الأنهر وغيره وفي الحاوي الزاهدي رمزا إذا قتل الزوج امرأته أو ذات رحم من محارمه المؤنث لأجل الزنا يرث منها عندنا خلافا للشافعي ا هـ‏.‏ يعني مع تحقق الزنا أما بمجرد التهمة، فلا كما يقع من فلاحي القرى ببلادنا فادر ذلك رملي والتقييد بالموجب جرى على الغالب إذ الحكم فيما استحب فيه الكفارة كذلك كمن ضرب امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه الغرة وتستحب الكفارة مع أنه يحرم الإرث منه‏.‏ ‏(‏قوله على ما مر‏)‏ أي في كتاب الجنايات ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي بحق أو لا مباشرة أو لا، ولو بشهادة أو تزكية لشاهد بقتل ‏(‏قوله ولو مات القاتل قبل المقتول‏)‏ بأن جرحه جرحا صار به ذا فراش فمات الجارح قبله ‏(‏قوله إسلاما وكفرا‏)‏ قيد به لأن الكفار يتوارثون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم عندنا، لأن الكفر كله ملة واحدة ‏(‏قوله وأما المرتد فيورث عندنا‏)‏ أي من كسب إسلامه وكسب ردته فيء للمسلمين، وقالا للوارث المسلم ككسب المرتدة ‏(‏قوله خلافا للشافعي‏)‏ فقال كسباه لبيت المال ‏(‏قوله فأسلمت‏)‏ أي بعد موته، فلو قبله فالظاهر أن الحمل لا يرث قولا واحدا لأنه جزء منها فهو مسلم عند موت المورث وعند الولادة تبعا لها‏:‏ وهي واقعة الفتوى ‏(‏قوله ولم أره لأئمتنا صريحا‏)‏ أقول‏:‏ قيد بقوله صريحا لأن كلامهم يدل عليه دلالة ظاهرة فمنه قولهم إرث الحمل فأضافوا الإرث إليه وهو حمل، وأما اشتراطهم خروجه حيا، فلتحقق وجوده عند موت مورثه، ومن ثم قيل لنا‏:‏ جماد يملك وهو النطفة‏.‏ وفي حاشية الحموي عن الظهيرية‏:‏ متى انفصل الحمل ميتا إنما لا يرث إذا انفصل بنفسه، وأما إذا فصل فهو من جملة الورثة، بيانه إذا ضرب إنسان بطنها فألقت جنينا ميتا ورث، لأن الشارع أوجب على الضارب الغرة وجوب الضمان بالجناية على الحي دون الميت فإذا حكمنا بالجناية كان له الميراث ويورث عنه نصيبه، كما يورث عنه بدل نفسه وهو الغرة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ فقد جعلوه وارثا وموروثا، وهو جنين قبل انفصاله، ومعلوم أنه حين موت مورثه لم يكن مسلما فلم يوجد المانع حين استحقاقه الإرث، وإنما وجد بعده فكان كمن أسلم بعد موت مورثه الكافر، فلم يكن في الحقيقة إرث مسلم من كافر بل هو إرث كافر من كافر‏.‏ نعم يتصور عندنا إرث المسلم من الكافر في مسألة المرتد ‏(‏قوله والرابع اختلاف الدارين‏)‏ اختلافهما باختلاف المنعة‏:‏ أي العسكري، واختلاف الملك كأن يكون أحد الملكين في الهند وله دار ومنعة والآخر في الترك، وله دار ومنعة أخرى، وانقطعت للعصمة فيما بينهم، حتى يستحل كل منهم قتال الآخر فهتان الداران مختلفتان، فتنقطع باختلافهما الوراثة لأنها تبتنى على العصمة والولاية، وأما إذا كان بينهما تناصر وتعاون على أعدائهما كانت الدار واحدة والوراثة ثابتة‏.‏

ثم اعلم أن الاختلاف إما حقيقة أو حكما كالحربي والذمي وكالحربيين في دارين مختلفتين بالمعنى السابق، وإما حكما فقط كالمستأمن والذي في دارنا فإنها وإن كانت واحدة حقيقة إلا أنها مختلفة حكما لأن المستأمن من أهل دار الحرب حكما، لتمكنه من الرجوع إليها، وأما حقيقة فقط كمستأمن في دارنا وحربي في دارهم، فإن الدار وإن اختلفت حقيقة لكن المستأمن من أهل الحرب حكما كما علمت، فهما متحدان حكما وفي هذا الأخير يدفع مال المستأمن لوارثه الحربي لبقاء حكم الأمان في ماله لحقه، وإيصال ماله لورثته من حقه كما في عامة الكتب فيمنع ذلك صرفه لبيت المال، خلافا لما في شرح السراجية لمصنفها كما نبه عليه في الدر المنتقى، وسكب الأنهر‏.‏ أقول‏:‏ وبه علم أن المانع هو الاختلاف حكما سواء كان حقيقة أيضا أو لا دون الاختلاف حقيقة فقط، وهذا ما قال الزيلعي المؤثر هو الاختلاف حكما حتى لا تعتبر الحقيقة بدونه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله حقيقة‏)‏ يعني وحكما لما علمت ‏(‏قوله كحربي وذمي‏)‏ أي إذا مات الحربي في دار الحرب، وله وارث ذمي في دارنا أو مات الذمي في دارنا وله وارث في دارهم لم يرث أحدهما من الآخر لتباين الدارين حقيقة وحكما وإن اتحدا ملة ‏(‏قوله أو حكما‏)‏ أي فقط ‏(‏قوله وكحربيين إلخ‏)‏ كذا في السراجية، وفيه أنه من اختلاف الدار حقيقة وحكما كما قدمناه، إلا أن يحمل على أنهما من دارين مختلفين حقيقة، لكنهما مستأمنان في دارنا فهما في دار واحدة حقيقة، وفي دارين مختلفين حكما ويؤيده أنه قال من دارين لا في دارين، وإن كان الأولى أن يقول المستأمنين بدل الحربيين وكأنه ترك هذا الأولى إشارة إلى أنه يمكن جعله مثالا للاختلافين أفاده السيد وتمامه فيه‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف المسلمين‏)‏ محترز قوله فيما بين الكفار‏:‏ أي اختلاف الدار لا يؤثر في حق المسلمين كما في عامة الشروح حتى إن المسلم التاجر أو الأسير لو مات في دار الحرب ورث منه ورثته الذين في دار الإسلام، كما في سكب الأنهر‏.‏ قال في شرح السراجية لابن الحنبلي‏:‏ وأما قول العتابي أن من أسلم ولم يهاجر إلينا لا يرث من المسلم الأصلي في دارنا ولا المسلم الأصلي ممن أسلم، ولم يهاجر إلينا سواء كان في دار الحرب مستأمنا أو لم يكن فمدفوع بقول بعض علمائنا يخايل لي أن هذا كان في ابتداء الإسلام، حين كانت الهجرة فريضة ألا ترى أن الله تعالى نفى الولاية بين من هاجر، ومن لم يهاجر فقال‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا‏}‏ فلما كانت الولاية بينهما منتفية كان الميراث منتفيا، لأن الميراث على الولاية فأما اليوم فينبغي أن يرث أحدهما من الآخر، لأن حكم الهجرة قد نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا هجرة بعد الفتح» ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ أي في فصل الحرقى والغرقى ‏(‏قوله في خمس مسائل أو أكثر‏)‏ زاد قوله أو أكثر تبعا للمجتبى إشارة إلى أن عدها خمسا لم يرد به الحصر لإمكان زيادة غيرها تأمل‏.‏ وقد ذكر الشارح منها ثنتين والثالثة‏:‏ رجل وضع ولده في فناء المسجد ليلا ثم ندم صباحا فرجع لرفعه فإذا فيه ولدان ولا يعرف ولده من غيره، ومات قبل الظهور لا يرث واحد منهما، ويوضع ماله في بيت المال ونفقتهما على بيت المال، ولا يرث أحدهما من صاحبه‏.‏ والرابعة‏:‏ حرة وأمة ولدت كل واحدة ولدا في بيت مظلم ولا يعلم ولد الحرة من غيره لا يرث واحد منهما، ويسعى كل واحد منهما لمولى الأمة، والخامسة‏:‏ رجل له ابن من حرة وابن من أمة لإنسان أرضعتهما ظئر واحدة، حتى كبرا ولا يعرف ولد الحرة من غيره فهما حران ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته لمولى الأمة ولا يرثان منه ‏(‏قوله فلا توارث‏)‏ أي لا يرثها واحد منهما ‏(‏قوله من ولد‏)‏ الأولى بولد ‏(‏قوله إلا أن يصطلحا‏)‏ أي الولدان فإن الميراث لا يعدوهما، فمن أخذ حصة وهو الوارث حقيقة فذلك من حظه، ويعد ما أخذه الآخر هبة من المستحق، والظاهر أنه راجع إلى المسألة السابقة أيضا ا هـ‏.‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ بل إلى كل المسائل المارة وإن ما مر من وضعه في بيت المال محمول على ما إذا لم يصطلحا تأمل‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

جملة الموانع حينئذ ستة وقد زاد بعضهم من الموانع النبوة لحديث الصحيحين‏:‏ «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» وفي الأشباه عن التتمة كل إنسان يرث ويورث إلا الأنبياء لا يرثون، ولا يورثون وما قيل من أنه عليه الصلاة والسلام ورث خديجة لم يصح وإنما وهبت مالها له في صحتها ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن كلام ابن الكمال وسكب الأنهر يشعر بأنهم يرثون وتمامه في الرحيق المختوم وزاد بعضهم الردة فالمرتد لا يرث أحدا إجماعا، وليس ذلك لاختلاف الدين لأنه لا ملة له على ما عرف في محله فالموانع حينئذ ثمانية، وزاد بعضهم تاسعا وهو اللعان قال في الدر المنتقى‏.‏ وفي الحقيقة الموانع خمسة أربعة المتن والردة كما علم ذلك بالاستقراء الشرعي، وما زاد عليها فتسميته مانعا مجاز لأن انتفاء الإرث معه ليس بوجود مانع بل لانتفاء الشرط أو السبب ا هـ‏.‏ ‏"‏ بيانه أن شرط الإرث وجود الوارث حيا عند موت المورث، وذلك منتف في جهالة تاريخ الموتى لعدم العلم بوجود الشرط ولا توارث مع الشك، وكذا في جهالة الوارث فإنها كموته حكما كما في المفقود، وأما ولد اللعان فإنه لا يرث من أبيه وبالعكس لقطع نسبه، فعدم الإرث في الحقيقة لعدم السبب، وهو نسبته إلى أبيه وأما النبوة ففي كونها من انتفاء الشرط أو السبب كلام يعلم من شرحنا الرحيق المحتوم، والذي يظهر أن العلة في عدم كونها من الموانع هي كون النبوة معنى قائما في المورث والمانع هو ما يمنع الإرث لمعنى قائم في الوارث على ما قدمناه في تعريفه‏.‏ ‏[‏تكميل‏]‏ عد الشافعية من الموانع الدور الحكمي وهو أن يلزم من التوريث عدمه كما لو مات عن أخ فأقر الأخ بابن للميت، فيثبت نسبه ولا يرث عندهم، لأنه لو ورث لحجب الأخ فلا يقبل إقراره، فلا يثبت نسب الابن فلا يرث لأن إثبات إرثه يؤدي إلى نفيه فينتفي من أصله، وهذا لم يذكره علماؤنا لصحة إقرار المقر في حق نفسه فقط فيرث الابن دونه كما حققته في الرحيق المختوم مؤيدا بالنقل ومر تمامه في باب إقرار المريض ‏(‏قوله لأنها أصل الولاد‏)‏ بكسر الواو مصدر ولد أي أصل ولادة الأصل والفروع فالكل أولادها غالبا، لأنه قد تكون الولادة بالتسري ثم هي بهذا الاعتبار، وإن كانت أما لكن صفة الزوجية سابقة على صفة الأمومة فلذا لم تقدم الأم تأمل‏.‏

‏(‏قوله مع ولد‏)‏ أي للزوج الميت ذكرا أو أنثى ولو من غيرها ‏(‏قوله وإن سفل‏)‏ بفتح الفاء من السفول ضد العلو من باب نصر، وبضمها من السفال بمعنى الدناءة من باب شرف ابن كمال والمراد الأول

‏(‏قوله نكاح ميتة‏)‏ أما لو كانت حية تهاتر البرهان‏:‏ وهي لمن صدقته إذا لم تكن في يد من كذبته ولم يكن دخل المكذب بها وإن أرخا فالسابق أحق ط‏.‏ ‏(‏قوله وبرهنا‏)‏ قال في البحر في باب دعوى الرجلين‏:‏ لو برهنا على النكاح بعد موتها، ولم يؤرخا أو أرخا واستوى تاريخهما يقضي به بينهما، وعلى كل منهما نصف المهر ويرثان ميراث زوج واحد، فإن جاءت بولد يثبت النسب منهما، ويرث من كل منهما ميراث ابن كامل وهما يرثان من الابن ميراث أب واحد كذا في الخلاصة وفي منية المفتي ولا يعتبر فيه الإقرار واليد ا هـ‏.‏ ومثله في جامع الفصولين ‏(‏قوله ولم تكن في بيت واحد منهما‏)‏ هو معنى ما في روح الشروح، ولم تكن في يد واحد منهما ومفهومه اعتبار اليد، وهو خلاف ما قدمناه آنفا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله والنصف له‏)‏ أي للزوج وبقي ممن يستحق النصف أربعة كان ينبغي ذكرهم هنا كما فعل في بقية الفروض، وهم البنت وبنت الابن عند عدمها والأخت لأبوين والأخت لأب عند عدمها إذا انفردن عمن يعصبهن

‏(‏قوله والجد‏)‏ أي فهو كالأب عند عدمه إن لم يدخل في نسبته إلى الميت أنثى وهو الجد الصحيح، فإن تخلل في نسبته إلى الميت أم كان فاسدا فلا يرث إلا على أنه من ذوي الأرحام، لأن تحلل الأم في النسبة يقطع النسب إذ النسب إلى الآباء زيلعي ‏(‏قوله الفرض المطلق‏)‏ أي عن ضميمة التعصيب إليه ‏(‏قوله مع ولد أو ولد ابن‏)‏ حيث قيد الفرض بالمطلق فكان ينبغي أن يقيد الولد بالذكر لأن الولد يشمل الأنثى، لكن تركه لانفهامه مما بعده ‏(‏قوله مع البنت أو بنت الابن‏)‏ فإن له السدس فرضا وللبنت أو بنت الابن النصف والباقي له تعصيبا ‏(‏قوله إلا في ثلاثة عشر مسألة‏)‏ الأصوب ما في بعض النسخ‏:‏ ثلاث عشرة بتذكير الثلاثة وتأنيث العشرة لتأنيث مسألة وإن كان لفظيا ‏(‏قوله خمس في الفرائض‏)‏ الأولى أن أمه لا ترث معه، وترث مع الجد‏.‏ الثانية أن الميت إذا ترك الأبوين وأحد الزوجين فلأمه ثلث ما يبقى بعد نصيب أحد الزوجين، ولو كان مكان الأب جد فللأم ثلث جميع المال إلا عند أبي يوسف فإن لها ثلث الباقي أيضا‏.‏ الثالثة‏:‏ أن بني الأعيان والعلات كلهم يسقطون مع الأب إجماعا ويسقطون مع الجد عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا عندهما، الرابعة‏:‏ أن أبا المعتق مع ابنه يأخذ سدس الولاء عند أبي يوسف وليس للجد ذلك، بل الولاء كله للابن ولا يأخذ الجد شيئا من الولاء عند سائر الأئمة‏.‏ الخامسة‏:‏ لو ترك جد معتقه وأخاه، قال أبو حنيفة‏:‏ يختص الجد بالولاء وقالا الولاء‏.‏ بينهما ولو كان مكان الجد أب فالميراث كله له اتفاقا قال في المنح‏:‏ وهذه مستفاد حكمها من حكم المسألة الثالثة ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله وباقيها في غيرها‏)‏‏.‏ الأولى‏:‏ لو أوصى لأقرباء فلان لا يدخل الأب ويدخل الجد في ظاهر الرواية‏.‏ الثانية‏:‏ تجب صدقة فطر الولد على أبيه الغني دون جده‏.‏ الثالثة‏:‏ لو أعتق الأب جر ولاء ولده إلى مواليه دون الجد‏.‏ الرابعة‏:‏ يصير الصغير مسلما بإسلام أبيه دون جده‏.‏ الخامسة‏:‏ لو ترك أولادا صغارا ومالا فالولاية للأب فهو كوصي الميت بخلاف الجد‏.‏ السادسة‏:‏ في ولاية النكاح لو كان للصغير أخ وجد فعلى قول أبي يوسف يشتركان وعلى قول الإمام يختص الجد ولو كان مكانه أب اختص اتفاقا‏.‏ السابعة‏:‏ إذا مات أبوه صار يتيما ولا يقوم الجد مقام الأب لإزالة اليتيم عنه‏.‏ الثامنة‏:‏ لو مات وترك أولادا صغارا، ولا مال له وله أم وجد أبو الأب، فالنفقة عليهما أثلاثا الثلث على الأم، والثلثان على الجد ولو كان كالأب كان كلها عليه ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ وفي الخامسة نظر لما تقدم قبيل شهادة الأوصياء أن الولاية في مال الصغير لأبيه، ثم لوصي الأب، ثم للجد، ثم لوصيه، ثم للقاضي، ثم لوصيه فالجد يقوم مقام الأب عند عدم الأب، ووصيه فلم يخالف الجد فيها الأب تأمل، والسادسة‏:‏ يجري فيها ما تقدم عن المنح، وقوله في الثامنة‏:‏ وله أم وجد موافق لما في بعض نسخ الأشباه، وفي بعضها ولهم بضمير الجمع العائد إلى الصغار، وهو الصواب لأن نفقة الصغير تجب على قريبه المحرم بقدر الإرث كما في المتون أي بقدر إرث المحرم من الصغير لو مات فإذا كانت الأم هنا أم الصغار صح كون الثلث عليها والباقي على الجد، لأنه قدر إرثها منهم، أما لو كانت أم أبيهم الميت يكون عليها السدس، لأنها جدة لهم وفرض الجدة السدس لا الثلث فلا يصح إرجاع الضمير إلى الميت، بل يتعين إرجاعه إلى الصغار هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم ‏(‏قوله وزاد ابن المصنف إلخ‏)‏ أقول‏:‏ يزاد أيضا، أنه لا تجب نفقته على الجد المعسر، وأنه لا يصير مسلما بإسلام جده وإن الجد إذا أقر بنافلة وابنه حي لا يثبت النسب بمجرد إقراره ذكر ذلك السيد في شرح السراجية وزدت أخرى أيضا تقدمت قبيل فصل شهادة الأوصياء وهي ما في الخانية حيث قال فرق أبو حنيفة بين الوصي وأبي الميت، فللوصي بيع التركة لقضاء الدين، وأبو الميت له بيعها لقضاء الدين على الأولاد لا لقضاء الدين على الميت وهذه فائدة تحفظ من الخصاف، وأما محمد فأقام الجد مقام الأب وبقول الخصاف يفتى ا هـ‏.‏ وحاصله أن جد الصغير خالف الأب ووصي الأب في هذه ثم رأيت صاحب الوهبانية ذكرها هنا ولله الحمد ‏(‏قوله ضمن الأب مهر صبيه‏)‏ على تقدير مضاف أي مهر زوجة صبيه‏:‏ أي ابنه الصغير وما في عامة النسخ من التعبير بصبيته بالتاء فتحريف ‏(‏قوله رجع لو شرط‏)‏ أي يرجع عليه في ماله ولو لم يكن له مال حين العقد لو شرط الرجوع، وأشهد أخذا مما في جامع الفصولين أيضا نقد من ماله ثمن شيء شراه لولده، ونوى الرجوع يرجع ديانة لا قضاء ما لم يشهد ولو ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع فله أن يرجع لو له مال وإلا فلا لوجوبها عليه ولو قنا أو شيئا لا يلزمه رجع، وإن لم يكن له مال لو أشهد وإلا لا ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والتزويج مما لا يلزم الأب فيرجع إن أشهد وإن لم يكن للصغير مال ‏(‏قوله وإلا لا‏)‏ أي استحسانا للعرف جامع الفصولين ‏(‏قوله رجع مطلقا‏)‏ أي وإن لم يشرط لأن العادة لم تجر بتحمله المهر عن الصغير

‏(‏قوله مع أحدهما‏)‏ أي الولد وولد الابن ذكرا أو أنثى‏.‏ ‏(‏قوله من أي جهة كانا‏)‏ أي سواء كان الاثنان فأكثر لأبوين أو لأب أو لأم ‏(‏قوله ولو مختلطين‏)‏ أي ذكورا وإناثا من جهة واحدة أو أكثر ‏(‏قوله والثلث عند عدمهم‏)‏ أي عدم الولد وولد الابن والعدد من الأخوة والأخوات وعند عدم الأب مع أحد الزوجين فافهم ‏(‏قوله وثلث الباقي إلخ‏)‏ تحته صورتان كما سيأتي قال ط‏:‏ وإنما ذكر الشارح هاتين الحالتين يعني الثلث وثلث الباقي مع ذكر المصنف لهما فيما سيأتي للإشارة إلى أن الأولى جمع حالات الأم متوالية

‏(‏قوله مطلقا أي لأم‏)‏ أو لأب كما مثل‏.‏ ‏(‏قوله أي صحيحات‏)‏ الجدة الصحيحة من ليس في نسبتها إلى الميت جد فاسد‏:‏ وهي ثلاثة أقسام المدلية بمحض الإناث كأم أم الأم أو بمحض الذكور كأم أبي الأب أو بمحض الإناث إلى محض الذكور كأم أم الأب بخلاف العكس كأم أبي الأم فإنها فاسدة ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء كانت القربى أو البعدى من جهة الأم أو الأب وسواء كانت القربى وارثة كأم الأب عند عدمه مع أم أم الأم أو محجوبة بالأب عند وجوده ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ أي عند ذكر الحجب

‏(‏قوله والسدس لبنت الابن إلخ‏)‏ للبنات ستة أحوال ثلاثة تتحقق في بنات الصلب، وبنات الابن وهي النصف للواحدة والثلثان للأكثر وإذا كان معهن ذكر عصبهن وثلاثة تنفرد بها بنات الابن‏.‏ الأولى‏:‏ ما ذكره المصنف‏.‏ الثانية‏:‏ يسقطن بالصلبيتين فأكثر إلا أن يكون معهن غلام ليس أعلى منهن فيعصبهن‏.‏ الثالثة‏:‏ يسقطن بالابن الصلبي وسيأتي بيانها

‏(‏قوله والسدس للأخت لأب إلخ‏)‏‏.‏

اعلم أن للأخوات لغير أم سبعة أحوال خمسة تتحقق في الأخوات لأبوين، والأخوات لأب‏:‏ وهي الثلاثة المارة في بنات الصلب‏.‏ والرابعة‏:‏ أنهن يصرن عصبات مع البنات أو بنات الابن‏.‏ والخامسة‏:‏ أنهن يسقطن بالابن وابنه وبالأب اتفاقا وبالجد عند الإمام وثنتان تنفرد بهما الأخوات لأب‏:‏ الأولى‏:‏ ما ذكره المصنف الثانية أنهن يسقطن مع الشقيقتين فأكثر إلا أن يكون معهن من يعصبهن وفي بعض نسخ السراجية، ويسقطن بالأخت لأب وأم إذا صارت عصبة‏:‏ أي إذا كانت مع البنات أو بنات الابن قال السيد‏:‏ لأنها حينئذ كالأخ في كونها عصبة أقرب إلى الميت كما سيأتي

‏(‏قوله والسدس للواحد من ولد الأم‏)‏ أي للأخ أو الأخت لأم ولهم ثلاثة أحوال ذكر منها اثنتين والثالثة أنهم يسقطون بالفرع الوارث وبالأب والجد كما سيأتي

‏(‏قوله عند عدم من لها معه السدس‏)‏ أي أو ثلث الباقي ‏(‏قوله بعد فرض أحد الزوجين‏)‏ متعلق بالباقي أي ثلث ما يبقى بعد فرض الزوجة أو الزوج ‏(‏قوله وأم‏)‏ لفظ أم في الموضعين زائد أفاده ح أي لأنها أحد الأبوين ‏(‏قوله فلها حينئذ الربع‏)‏ لأن للزوجة الربع ومخرجه من أربعة يبقى ثلاثة للأم ثلثها واحد، وهو ربع الأربعة وللأب الباقي ‏(‏قوله فلها حينئذ السدس‏)‏ لأنها تصح من ستة‏:‏ للزوج النصف ثلاثة، وللأم ثلث ما يبقى، وهو واحد وللأب الباقي ‏(‏قوله تأدبا إلخ‏)‏ لأن المراد من قوله تعالى - فلأمه الثلث - ثلث ما ورثه الأبوان سواء كان جميع المال أو بعضه للأدلة المذكورة في المطولات فالثلث هنا وإن صار في الحقيقة ربع جميع المال أو سدسه إلا أن الأدب التعبير به تبركا بلفظ القرآن وتباعدا عن إيهام المخالفة

‏(‏قوله لأنه لا يتعدد‏)‏ الأولى إسقاطه لما قدمه من إمكان تعدده، وقد يقال ليس ذاك تعددا لا حقيقة ولا صورة وإنما شرك بينهما دفعا للترجيح، بلا مرجح ولذا لم يعطيا إلا نصيب زوج واحد وعليه فقول المصنف إلا الزوج تبعا للمجمع مستدرك تأمل والله تعالى أعلم‏.‏